ستراوية مشرفة
عدد المساهمات : 49 تاريخ التسجيل : 21/12/2008
| موضوع: قضايا المرأة العربية خلال نصف قرن الخميس يناير 29, 2009 8:25 pm | |
| يتردد الكثير من المثقفين في بحث قضية المرأة العربية، لأكثر من سبب، أهم تلك الأسباب:
1ـ رغبة المثقفين والكتاب أن لا يُسجل عليهم أنهم قالوا كذا في حق المرأة سواء أنصفوها أو تجاوزوا على ما هي جديرة به. فإن قالوا رأيا بصالحها سيتهمهم البعض بأنهم منافقون، يتزلفون في طرح مواضيع مثل المرأة لكي يصفهم الآخرون بالتحرر، في حين أن الكاتب الفلاني الذي يتكلم وكأنه في صف المرأة، لم يذكر أنه أفصح عن اسم زوجته، أو شاهده أحد يصطحبها في ندوة عامة أو احتفال من التي يحضرها هؤلاء المثقفون.
وإن انتقصوا من حقها، فإنه سيتم إدراجهم مع الكتاب المتخلفين الرجعيين، وسيفتح عليهم باب النقد الذي يتجنبه الكثير منهم، خصوصا من مجتمع الكاتبات المثقفات، علاوة على انتقاد المتطوعين من الكتاب والمثقفين الرجال.
2ـ رداءة الأوضاع العامة في المجتمعات العربية، حيث أن حقوق الرجال (القوامون على النساء) ضائعة وغير متحققة، فلماذا نستغرب أن تكون المرأة في وضعها التي هي فيه.
3ـ استشعار الكاتب أنه إذا كتب عن المرأة، سيضطر الى المقاربة الدينية (الإسلامية)، وهو إن فعلها، سيفتح على نفسه جبهة مستحدثة ممن يتفوقون عليه في الإلمام بالجانب الديني والفقهي.
4ـ أما الكاتبات النساء، فالكثير منهن يترفعن عن تمثيل دور المطالب بحقوق المرأة، فإن أردن التحدث بهذا الموضوع فإنهن يتحدثن عنه كعنوان أو كفكرة محورية غير أساسية بموضوع ما يكتبن، إذ أنهن يسارعن لتناول أوضاع المجتمع بشكل عام مع إشارات على استحياء بموضوع المرأة. وقد وصفت الأستاذة والباحثة السورية (حذام زهور عدي) الحديث عن المرأة بأنه (لا يسمن ولا يغني من جوع. الغاشية 7. )*1
لمحة تاريخية:
لن نغوص كثيرا في أعماق التاريخ لكي نرسم الصورة التي كانت عليها المرأة قبل الإسلام، وإن كانت هذه المسألة ضرورية لتأسيس ما سنقدم له في هذا الموضوع. ولكننا سنقف عند محطات سبقت ظهور الإسلام وتعتبر في نفس الوقت منابع للطرائق التي تعاملت بها مجتمعاتنا العربية مع قضية المرأة.
إن الروافد الحضارية للكيان السلوكي لأمتنا تتمثل في النماذج التي كانت سائدة في بلاد ما بين النهرين، ووادي النيل، وجزيرة العرب، وسواحل المتوسط. ومن يتصفح (على سبيل المثال) شرائع (حمورابي) سيجد أن النظرة للمرأة لا تختلف كثيرا عما كانت عليه في مناطق بلاد الشام وشمال إفريقيا واليمن. فالحرة ليست كالأَمَة فالأخيرة عند حمورابي كان لها نصف دية الحرة، وعليها نصف عقوبات الحرة، وحرائر العرب كانت تحمل رمزية كبيرة وتكون عوامل هامة في إشعال المعارك، وقصة حرب (ذي قار) سببها رفض تزويج ابنة النعمان ابن المنذر لكسرى الفرس.
كما أن وأد البنات نفسه كان ينبع من الخشية لأن يتساهل والد البنت في تزويجها ممن يقل عنها (حسبا ونسبا)، أو أنها تسلك بسبب الفقر مسلكا يلحق بشرف عائلتها الأذى.
لكن لم يمنع ذلك من أن المرأة كانت تتبوأ مكانة عالية في إدارة القوم قد تصل لأن تكون ملكة كما في مصر أو اليمن، أو تكون كاهنة تشير على قومها بالرأي السديد، أو تكون امرأة لها تجارتها واقتصادياتها.
الإسلام والمرأة
لم تتناقض نظرة الإسلام كثيرا مع ما سبقه تجاه النظرة للمرأة كونها ترتبط بمسألة الشرف (العرض)، ولكنه منع وأدها ومنع قذفها، ومنع استخدامها للتكسب من عملها بالبغاء (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ـ النور 33) وهي عادة كانت موجودة قبل الإسلام.
لقد أسكت الإسلام بنصوص واضحة حاسمة قاطعة كل من حاول التفكير في الذهاب أكثر مما وجد بتلك النصوص: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ـ النساء 34). وفي الميراث (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فان لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث فان كان له إخوة فلامه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم اقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما ـ النساء 4) وفي مسألة التعامل مع نساء الرسول صلوات الله عليه (واذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن ـ الأحزاب 53) ثم يذهب النص الإلهي الى التعميم على نساء المؤمنين ( يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ـ الأحزاب 59)
هذا إضافة الى مجموعة من الأحاديث أو ما يُنسب أنه حديث (شاوروهن وخالفوهن) و (النساء قليلات عقل ودين) والحديث الأخير هناك من يقول أنه كان من باب المزاح، إلا أن بعض الذين يؤكدون هذا الحديث يربطونه بأمر الله تعالى في مجال الشهود أن تكون امرأتان مقابل شهادة رجل واحد، وهذا يعني أن النساء تقل إمكانياتهن العقلية عن الرجال.
في هذا الصدد تحاول الباحثة المغربية (فاطمة المرنيسي) الوقوف عند الحديث الأخير لتؤشر على نظرة الإسلام الى المرأة ـ كما تراها هي ـ ( فعلى نحو مفارق ومناقض للافتراض الشائع، لا يحمل الإسلام أية أطروحة تقول بنقص موروث في المرأة. فهو، على العكس من ذلك تماما، يؤكد على المساواة الكامنة بين الجنسين. أما ما هو راهن من عدم مساواة فلا ينهض على أية نظرية أيديولوجية أو بيولوجية حول نقص المرأة، بل ينتج عن عمل مؤسسات اجتماعية معينة صممت للحد من سلطتها ...)
الحملة الفرنسية بداية عهد المسلمين في تلمس قضايا المرأة
تنقل الكاتبة (إجلال خليفة) في كتابها (قصة المرأة على أرض مصر) أن جنرالا فرنسيا اسمه (مينو) اقترن بامرأة من (رشيد) وعاملها كما تعامل النساء النبيلات في فرنسا، فكان يصطحبها من ذراعها ويحجز لها في أفخر المطاعم ويشاورها في انتقاء الطعام ويناولها (فوطتها) إذا سقطت منها. كان ذلك عام 1799 وعندما كانت تلك الزوجة تحكي لصديقاتها في الحمام التركي سلوك زوجها، رحن النساء يرجون تغييرا مماثلا يطرأ على أوضاعهن، كما أرسلن الى (السلطان العظيم نابليون بونابرت) يتوسلن به أن يفرض على أزواجهن المصريين أن يعاملوهن المعاملة نفسها.
يتبع
هوامش *1ـ قضايا المرأة العربية المعاصرة/حذام زهور عدي/مجلة المستقبل العربي/ بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية/ العدد275/ 1/2002 صفحة 133.
| |
|